خواطر المشاعر

وحدهٌ هو، في مدينةٍ لا تعرفه، يتأمل الأفق البعيد من نافذةٍ باردة. يرى الحياة تمضي مسرعة، ضحكات تتداخل، وأيدٍ تتشابك، وهو يقف على الضفة الأخرى، غريبٌ عن كل هذا الصخب. قلبهُ ليس خالياً، بل هو مليءٌ بآمالٍ لم تتحقق بعد، بلهفةٍ لم تجد لها عنواناً. يتخيلها، لا بملامحَ محددة، بل بإحساسٍ عميق يملأ الفراغ في روحه. يتصورها رفيقة دربه، شريكة أيامه، تلك التي ستحول وحدته إلى أنس، وعتمة أيامه إلى نور. يحلم بوجودها كمرسى لأحزانه، وشراع لأحلامه. يرى فيها الجنة التي سيجد فيها السكينة والطمأنينة، حيث تتوقف رحلة البحث المضنية، وتبدأ رحلة البناء والمشاركة. هو لا يريد منها أن تملأ فراغاً فحسب، بل أن تخلق معه عالماً جديداً. عالماً يكون فيه الحب هو أساس كل شيء، والتقدير هو لغة الحوار. عالماً تزهر فيه الأماني، وتنمو فيه الأحلام، وتتحول فيه الحياة من مجرد وجود إلى رحلة جميلة، يتقاسمان فيها كل لحظة، حلوها ومرها، حتى يصبحا معاً لوحة فنية متكاملة، لا يكتمل جمالها إلا بوجود الآخر.