Gta_LEON

الزواج ليس عقداً بين شخصين، بل رحلة وعي بين روحين. ‏حين يلتقي اثنان، لا يلتقي جسدان أو عاطفتان فحسب، بل تلتقي عوالم داخلية ممتدة في الذاكرة والتجربة واللاوعي. كل يحمل تاريخه، جراحه، ظنونه، وتوقه إلى الامان، فيصير الزواج مساحة تكشف فيها الارواح ما خفي عنها، لا لتُدان، بل لتُشفى. الزواج هو تجربة توحد بين -الانا-و -الاخر-، اي بين الذات والغير. ‏هو محاولة دؤوبة لإيجاد توازن دقيقٍ بين الحرية والالتزام، بين الفوضى التي تمنح الحياة حركتها والنظام الذي يمنحها معناها، بين الحب كعاطفة تنفجر من الداخل والحب كقرار ناضج يتجدد كل يوم رغم التعب والعثرات. ‏في عمقه، الزواج ليس سجناً ولا خلاصاً- بل مختبر الوعي الانساني. ‏فيه يختبر الحب كمسؤولية، لا كحلم شعري. فيه يتعلم الانسان ان يرى الاخر لا كما يريد، بل كما هو ككائن ناقص وجميل في اَن واحد، يعكس ضعفنا ويوقظ قدرتنا على الرحمة. ‏إنه ميدان يتقاطع فيه النقص بالكمال، والرغبة بالخوف، والذات بالاخر. ‏من خلال هذا الاحتكاك اليومي بالاختلاف، تنضج النفس، وتتهذب الرغبة، ويتحول الحب من شعور عابر إلى قيمة وجودية تشبه النور: لا تُرى إلا حين تُضاء من الداخل. ‏وفي النهاية، لا يقاس نجاح الزواج بمدى التشابه بين الزوجين، بل بقدر ما يمنحه كل منهما للاخر من مساحة للوجود، وبمدى ما يتعلمانه من البقاء معاً دون ان يفقد احدهما صوته او روحه.