أيقونة المودة

العِشرةُ الغالية… هي ذلك الإرث الشعوري الذي لا يمنحه الله إلا لمن صَفَت سرائرهم، وطابت قلوبهم، واستقامت طباعهم.لا يعرف سرَّها إلا مَن صفا معدنه، وصدق قلبه، فالعِشرة ليست صحبة عابرة، ولا زمالة أيام ولا أيامًا تتوالى بلا معنى،ولا كلمات تتناثر مع الريح، بل هي جسرٌ من المودة يبنيه الأصيل بصدق، هي وفاءٌ يشبه ثبات الجبال، وموقفٌ يُظهر معدن الرجال، ومودّةٌ تستر العيب، وسِترٌ يحفظ الودّ، ووفاءٌ يُقيم الروح إذا مالت، وسندٌ يشدّ ظهرك حين تتكاثر أثقال الحياة، وكتفٌ يُطَمئن قلبك حين يضيق الصدر ولا تَسَعك الدنيا. العِشرة عند الأصيل عهدٌ لا يُكتب بحبر، بل تُوقِّعه المواقف والنوايا الطيبة، وتشهَد عليه الأيام الصعبة، عهدٌ يُشبه نور الآية الكريمة وقول الله تعالى : ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ﴾ فالمحبة في الله ولاية، والمودة صدقة، والعِشرة رِباطٌ لا تَهزّه تقلبات الدنيا. وما أعظم قول النبي ﷺ حين قال: «خَيْرُ الأصحابِ عِندَ اللهِ خَيْرُهُم لِصَاحِبِهِ» فالعِشرة ليست بكثرة الأصحاب والأصدقاء والأحباب.، بل جودةُ قلبٍ، وصدقُ نية، وصفاءُ معدن. العِشرة لا يعرف قيمتها إلا مَن كان غاليًا بقيمه…مَن إذا عاشرتَه زادك نورًا، وإذا جاورتَه وجدت السكينة، وإذا ابتعدت عنه شعرتَ بأن جزءًا من قلبك لا يزال متعلقًا بنبله. فالأصيل هو الذي إذا عشرتَه… زادك خيرًا، وما أنقصك يومًا. هؤلاء…إذا مرّوا على حياتك تركوا فيها أثرًا يشبه عطرًا لا يزول، وذكرى تشبه دعاءً صامتًا يتردد في القلب دون أن يُقال. 🤍